بيآن مشآئخ تونس بخصوص حآدثة الإغتيآل
----------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمان الرّحيم
" لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ ".
إنّ ما آلت إليه الأوضاع في تونس هذه الأيّام ليدعونا إلى التّوقّف والتّأمّل واستخلاص النّتائج التي كنّا ولا نزال نبشّر بها، ونحذّر من مخالفتها.
لقد أنعم الله علينا بإزالة رأس الطّغيان، وأهدى شعبنا الطّيّبُ الحكمَ لنخبة سياسية متنوعة لم ترتق إلى مستوى الشّعب في التّضحية والوفاء والعطاء، ولم تحقّق شكر الله تعالى بتحكيم شرعه، بل تنكّرت له، وبدّلت نعمة الله كفرا لتحلّ قومها دار البوار.
فنصّبوا لله أندادا ينازعونه أمره وشرعه، وانتهوا إلى طريق مسدود، وبدأنا نشهد وعيد الله بعقوبة الإعراض عنه،
قال الحقّ تبارك وتعالى: " قُلْ هُوَ الْقَادِر عَلَى أَنْ يَبْعَث عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقكُمْ أَوْ مِنْ تَحْت أَرْجُلكُمْ أَوْ يَلْبِسكُمْ شِيَعًا وَيُذِيق بَعْضكُمْ بَأْس بَعْض".
كما بيّنت الأحداث أكذوبة الحلّ الدّيمقراطيّ وقذارة العمل السّياسي الذي أدّى بالبلاد إلى فشل ذريع على كلّ المستويات.
إنّ وجوب شكر النّعمة التي انعم الله بها علينا بعد الإطاحة بالطّاغية أن نقف وقفة حازمة من أجل إقامة شرع الله في الأرض تحقيقا للأمن وحقنا للدّماء وحفظا للأموال والأعراض،
فإن أصرّت النّخبة عن مخاصمة تحكيم شرع الله في كلّ أمورنا، فإنّنا سنبقى في دوّامة التّيه والتّهارش عقوبة ذلك التخلّف، مصداقا لقول النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:" مَا ظَهَرَتِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ فَعَمِلَ بِهَا فِيهِمْ عَلانِيَةً، إِلا ظَهَرَ فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي أَسْلافِهِمْ، وَمَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إِلا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلا الْبَهَائِمُ لَمْ تُمْطَرُوا، وَمَا بَخَسَ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمُؤْنَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلا حَكَمَ أُمَرَاؤهُمْ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ فاسْتَنْقَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا عَطَّلُوا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِه إِلا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ". وقوله صلى الله عليه وسلم :" وما حكموا بغير ما أنزل الله إلاّ فشا فيهم الفقر"، وقوله صلى الله عليه وسلم أيضا:" وما لم تحكم أئمّتهم بكتاب الله ويتخيّروا ممّا أنزل الله إلاّ جعل الله بأسهم بينهم".
وتبعا لذلك، فإنّنا نبيّن بأن حادثة إغتيال شكري بالعيد إنّما هي تصفية حسابات نحن لسنا طرفا فيها، يراد منها جر ّالبلاد للفوضى كما أننا في منأى عن هذه التجاذبات السياسية و نحن المشايخ الممضين على هذا البيان نقول:
1- أنّنا نعتقد أنّ الإيمان بالله تعالى هو الحلّ الكفيل لتحقيق الأمن والسّعادة، قال تعالى:" الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ".
وأنّ تحكيم شرعه ضمين بتحقيق التنمية و العدالة ، قال تعالى:"وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً"، وقال أيضا:"وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ".
2- نحمّل مسؤوليّة ما يقع في البلاد للمتهارشين على الحكم، الذين عمّقوا القطيعة مع عمليّة الإصلاح الصّحيحة والحقيقيّة والعميقة، قال مالك رحمه الله:" لا يصلح آخر هذه الأمّة إلاّ بما صلح به أوّلها".
3- كذلك نحمّل الإعلام المضلّل مسؤوليّة ضخمة في تعميق الأزمات، والتي منها ممارسته التّمييز البغيض ضدّنا.
4- ندعو كلّ شبابنا الإسلامي إلى حماية شعبنا وممتلكاته ومؤسّساته وأعراضه ودمائه، وأن يقتدوا بشباب الصّحوة المباركة في بنزرت والقيروان وقفصة الذين أعطوا القدوة في ذلك.
5- ندعو العلماء والدّعاة إلى الله تعالى أن يتحمّلوا مسؤوليّتهم الكاملة وأن يكونوا في طليعة الشّعب في عمليّة الإنقاذ والإصلاح.
6- ندعو إلى توحيد الصّفّ الإسلامي ولا يكون ذلك إلاّ تحت راية الكتاب والسّنّة دون غيرهما، وأن يتحرّروا من الأهواء والأطماع و التّبعيّة للأحزاب والجماعات وتوظيف الدّول.
قال الله تعالى:" وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ 41 تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ 42 لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ 43 فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ 44 " غافر
قال الله تعالى:" فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ".
ربّنا لا تؤاخذنا بما فعل السّفهاء منّا واغفر لنا وارحمنا وأنت أرحم الرّاحمين.
تونس في : 27 ربيع الأول 1434 الموافق ل 7 فيبراير 2013
إمضاء المشائخ:
1- أبو صهيب التونسي 4- خميس الماجري
2- محمد أبو بكر 5- أبو عاصم التونسي
3- محمد بن عبد الرحمان خليف 6- أبو عبد الله عماد بن عبد الله التونسي