الخميس، 30 يونيو 2011

القاعدة تستلم زمام المعارك في ليبيا



كشفت معلومات خطيرة توفرت لموقع الشرق الاوسط الاخباري عن تسلّم القاعدة  سيرالعمليات العسكرية في ليبيا ، وهو امر ارتاحت له قوات حلف شمال الاطلسي التي بأت بالفشل تجاه معارك الصحراء التي يعرفها القذافي ككف يده . والقاعدة التوّاقة  الى قيادة المعارك في الشرق الاوسط تحريرا للعالم الاسلامي  من الهيمنةالاميركية قاتلت في افغانستان فتحسن اداؤها الميداني فيما منحتها تجربة العراق  التقنية  على مستوى السلاح والمتفجرات ، واليوم الى ليبيا وهذه المرة يستخدمهم الغرب في ضرب القذافي    
   
هذه الحقيقة، الى جانب حقائق أخرى تتصل باستراتيجية عولمة الارهاب التي أطلقتها “القاعدة”، تؤهل هؤلاء العائدين لحمل السلاح (المتطور) ضد بلدانهم والأنظمة السياسية التي تحكمها لأنهم مطلوبون قضائياً من جانب السلطات المحلية، ولأنهم متشبعون بالفكر الجهادي وايديولوجية القتل، وهم مستعدون لممارستها ضد مجتمعاتهم التي يحكمون عليها بالردة والتكفير، علماً أن القتل أسهل من الاندماج في المجتمع المدني بالنسبة إليهم، وهو اندماج لا يشجعهم عليه أحد. وباختصار فإن هؤلاء العائدين يحملون مشروعاً يتناقض وقيم الديمقراطية وحقوق الانسان، لا مجال فيه للحوار أو المساومة أو المداراة، فالكافر في رأيهم كافر، والمؤمن مؤمن وليس كل من سمى نفسه “عبد الرحمن” مسلماً بالضرورة.
وأول من تنبه الى حجم الخطر الذي يشكله هؤلاء الجهاديون، في عودتهم من أرض القتال في العراق الحكومة الجزائرية التي لفتت جيرانها الى مخاطر موجة الهجرة الجديدة التي تخفف الضغط عن جبهتي أفغانستان والعراق، لكنها توسع انتشار الارهاب في الدول المغاربية مستفيدة مما توفره الصحراء الكبرى من ظروف مواتية للتنظيم في المغرب الاسلامي، على مستوى تهريب الأسلحة والتدريب والاختباء. ذلك أن الامتداد الصحراوي بين الجزائر ومالي وموريتانيا يعقّد من مهمات الأجهزة  الأمنية والقوات المسلحة في مراقبة الحدود  وتعقب حركة المقاتلين. وتجزم السلطات  الجزائرية بأن عودة المقاتلين من العراق عززت صفوف تنظيم “القاعدة” في شمال افريقيا  بخبرات وتجارب غنية ولن يكون سهلا على الدول المغاربية تجفيف منابع الإرهاب في ظل ضعف التنسيق الأمني، خصوصاً بين المغرب والجزائر بسبب المشاكل السياسية بين البلدين، وكذلك النشاط المكثف لمهربي السلاح والبشر وتجار المخدرات لما بين هذه الأطراف من مصالح مشتركة، ولا مخرج إلا بتكثيف الجهود الأمنية والعسكرية والمخابراتية بين دول المنطقة مع ضرورة توفير الدعم الدولي بكل أشكاله.
وقبل أيام قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر ان الولايات المتحدة اثارت مع المتمردين الليبيين مخاوف حول أنباء عن حصول تنظيم “القاعدة” في شرق ليبيا على أسلحة متطورة. جاء ذلك بعدما أكد مسؤول أمني كبير من الجزائر لـ”رويترز” ان تنظيم القاعدة يستغل الصراع في ليبيا للحصول على أسلحة منها صواريخ أرض جو وتهريبها إلى معقله في شمال مالي. وأضاف تونر للصحفيين: نحن على علم بهذه الأنباء أيضا وكانت من بين مسائل مناقشاتنا مع قوات المعارضة، وتابع: عبرنا بوضوح عن بواعث قلقنا وتعهدوا بالنظر فيها.
وتقول الجزائر التي تقاتل جناح تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا منذ سنوات وتراقب عن كثب أنشطة المسلحين في أنحاء شمال أفريقيا والصحراء، إن هناك بالفعل دلائل على أن القاعدة تستغل الصراع في ليبيا كي تحصل على أسلحة وتهربها.
وقد اتخذ المسؤولون الجزائريون خطوة نادرة بالتعبير لوسائل الإعلام الأجنبية عن مخاوفهم من الأوضاع في ليبيا لأنهم يخشون من أن تؤدي الأحداث هناك إلى تبديد المكاسب التي حققوها في السيطرة على تنظيم القاعدة داخل البلاد. وقال مسؤول أمني جزائري كبير طلب عدم نشر اسمه، إن قافلة من ثماني شاحنات صغيرة من طراز تويوتا غادرت شرق ليبيا وعبرت الحدود إلى تشاد ثم إلى النيجر ومن ثم إلى شمال مالي حيث سلمت خلال الأيام القليلة الماضية شحنة من السلاح. وأضاف أن السلاح يتضمن قاذفات صاروخية مضادة للدبابات من طراز “آر بي جي7” الروسية الصنع ورشاشات آلية ثقيلة وبنادق كلاشينكوف ومتفجرات وذخائر، وأشار إلى أنه كانت لديه معلومات بأن جناح تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا المعروف باسم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي حصل من ليبيا على صواريخ ستريلا الروسية الصنع وهي صواريخ تحمل على الكتف ومضادة للطائرات وتعرف في دوائر حلف شمال الأطلسي باسم “سام 7”.
والمسؤول الجزائري قال أيضاً: نعلم أن هذه ليست أول قافلة وما زالت العملية مستمرة”. وأضاف “سلبت عدة ثكنات عسكرية في شرق ليبيا بما فيها من ترسانات ومخازن سلاح ولا يمكن ألا تتحين هذه الفرصة عناصر تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي التي كانت موجودة.
وما لم يقله المسؤول الجزائري قاله قائد كبير في حلف شمال الأطلسي عندما أقر بوجود عناصر من “القاعدة” بين المتمردين الليبيين الذين لا ينكرون أن كثيرين منهم أسسوا معسكراً خاصاً للتدريب  في أفغانستان قبل أن يعبروا الى العراق ومنه الى الشرق الليبي. ومن الواضح أن الارهابيين الليبيين نشطوا في افغانستان خلال الثمانينيات من القرن الفائت، ولعبوا ولا يزالون يلعبون دوراً مهماً في الدائرة الضيقة المحيطة بأسامة بن لادن وأيمن الظواهري، سواء في ما خص أبو يحيى (الرجل الثالث في “القاعدة”) أو “أبو ليث” أحد كبار القادة العسكريين في هذا التنظيم.
وتقول صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية نقلاً عن مايك شيرر المسؤول السابق في الـ”سي اي ايه” المسؤول  عن مطاردة بن لادن: علينا أن نكون يقظين جداً حين يجري الحديث عن تسليح متمردي ليبيا، والأميركيون لا يجهلون أن الليبيين الذين ينتمون الى “القاعدة” كانوا من بين أكثر من أرسلوا “الجهاديين” الى العراق. ففي العام 2007، وضعت القوات الأميركية اليد في مدينة سنجار على 700 وثيقة تكشف بلدان الإرهابيين ودوافعهم ومسار تسللهم الى العراق، وأن ما تضمنته تلك الوثائق لا يمكن إلا أن يثير القلق. ففي تلك الفترة كان الإرهابيون الليبيون يشكلون العدد الأكبر من مجموع المتسللين، بعد عدد السعوديين، وكان عددهم 112 ويمثل 20 بالمائة من مجموع من تسللوا الى العراق بين 2006 و2007 ـ أي أكثر بكثير من المتسللين الجزائريين والسوريين واليمنيين. ومن جهة أخرى، فإن مدينة درنة الليبية، وهي من معاقل التمرد ضد القذافي، كانت المدينة التي قدمت أكبر عدد من الجهاديين، بل وأكثر حتى من الرياض، فمن بين 112 ليبيا متسللا، جاء 53 منهم من درنة و21 من بنغازي، عاصمة المتمردين. وأخيرا، فإن الإرهابيين الليبيين كانوا أكثر الجميع تصميما على اقتراف العمليات الانتحارية ـ وكل ذلك حسب المعلومات المنشورة في الصحيفة الفرنسية. وفوق ذلك كله، فإن المهن التي كانت مسجلة في الوثائق أمام أولئك المتسللين كانت من قبيل “موظف” و”طالب” و”مدرس”، أي ـ وباختصارـ  أنهم كانوا منحدرين من مختلف طبقات السكان شأنهم شأن متمردي اليوم.
ووفقا لتقرير الصحيفة أيضا، فإن مدينتي درنة وبنغازي كانتا مركزين للإسلاميين المتطرفين، وقد شهدتا في سنوات التسعينيات اضطرابات عنيفة للأصوليين المتشددين قمعها القذافي بمروحيات عسكرية. وتمضي الصحيفة للقول بأن تصاعد دور الليبيين في نشاط القاعدة يعود إلى أن بن لادن أولى منذ العام 2007 اهتماما خاصا بـ”الجماعة الليبية المقاتلة” التابعة للقاعدة. فقد قُتل العديد من الإرهابيين الليبيين في العراق، لكنهم لم يقتلوا جميعا، وآخر من اعتقل منهم كان في أواخر العام المنصرم مع كشف تنظيم للقاعدة في بغداد. أما من عادوا إلى ليبيا، فإن عناصر الأجهزة الغربية تفتش عنهم، كما تبحث عن كم من الجهاديين ممن عادوا من أفغانستان هم اليوم مع المتمردين، وإن احدهم، من درنة، واسمه عبد الحكيم الحسادي والعائد من أفغانستان في العام 2002، قد صرح لصحيفة إيطالية قائلا: “إن القاعديين هم مسلمون صالحون، وهم يقاتلون الغزاة”.
وتقول الصحيفة إن إذاعة في درنة كانت تذيع ما يأتي: “أيها الإخوة العائدون من العراق وأفغانستان، لقد آن اليوم أن تدافعوا عن أرضكم”. وقد حذر دبلوماسي فرنسي من تكرار تجربة أفغانستان، علما بأن القاعديين الليبيين يحذرون من كشف هويتهم اليوم فهم بحاجة الى الغرب للتخلص من القذافي وتقوية نفوذهم، وحينذاك فلكل حادث حديث.
أشعلوا منزلي
وفي معلومات لموقعنا  من مصادر رسمية في بغداد أن المسؤولين العراقيين مرتاحون لتراجع وتيرة عمليات “القاعدة” في المرحلة الأخيرة، لكنهم لا ينكرون أن دخول التنظيم على خط التمرد الذي تشهده ليبيا يضيف عامل تأزيم جديد الى المشكلة الليبية. وفي معلومات أوردتها مجلة “الاسبوعية” العراقية، نقلاً عن مصادر أمنية محلية، أن العقيد معمر القذافي لا يبالغ أبداً عندما يتحدث عن نشاط “القاعدة” في بلاده، وإنما هو يعيد الى الذاكرة حقيقة معروفة هي نشاط الاسلاميين المتطرفين في شرق ليبيا.
ففي ايلول 2007 دهمت القوات الاميركية معسكراً في الصحراء قرب سنجار في شمال غرب العراق قرب الحدود السورية، بحثاً عن احدى الخلايا التي كان يعتقد انها مسؤولة عن تهريب العدد الاكبر من المقاتلين الاجانب الى داخل العراق. وهناك، وسط الخيم، اكتشف الجنود الاميركيون ما هو أكثر أهمية من مجرد خلية للتهريب. فقد وقعت في أيديهم مجموعة من الملفات الشخصية لاكثر من 700 مقاتل دخلوا العراق منذ آب 2006، بينهم 112 ليبياً، وهو ما نسبته 18 في المئة من المقاتلين الاجانب في صفوف “القاعدة” في العراق، اي ثانية كبرى المجموعات الاجنبية، بعد السعوديين (41 في المئة)، المشاركة في صفوف مقاتلي التنظيم الاصولي. بعد ثلاث سنوات ونصف سنة، تعود سجلات سنجار الى الواجهة، وسط المطالبات المتزايدة للمتمردين بأسلحة ثقيلة تمكنهم من مواجهة القوات النظامية الليبية خصوصاً في ظل الانكفاء العشوائي الذي يسجلونه منذ أيام، بعدما كانوا وصلوا الى مشارف سرت بدعم من غارات التحالف. ولا شك في أن هذه السجلات ليست بعيدة من خلفية الانقسام الذي يسود دول التحالف حيال نداءات المتمردين. فبعد نحو شهرين من بدء التمرد ونحو أسبوعين من تدخل قوات التحالف لفرض منطقة حظر للطيران فوق ليبيا، لا تزال واشنطن خصوصاً قلقة من هوية الثوار وزعمائهم الذين وصفهم وزير الدفاع روبرت غيتس الخميس بأنهم “متباينون ومصنفون”، وهي ليست واثقة من طريقة تصرفهم. ومنذ بداية التمرد الليبية كان لافتا الحذر الذي اتسم به الموقف الاميركي، وبدا الغموض الذي يكتنف هوية التمرد عائقا اساسيا أمام موقف اكثر وضوحاً حيال مطالبهم.
الى عدد الليبيين الجهاديين في العراق، كشفت سجلات سنجار أن الغالبية العظمى من المقاتلين الليبيين يتحدرون من شمال شرق ليبيا، حيث تتمركز قيادة التمرد اليوم، وأن نصفهم من درنة، وهي بلدة تعد 80 الف نسمة على المتوسط وتبعد نحو 200 كيلومتر شرق بنغازي، وثمة ربع آخر من بنغازي نفسها، معقل المعارضة. وما يسترعي الانتباه أن اولئك المقاتلين ملتزمون جدا، اذ ان 85 في المئة منهم مسجلون على أنهم انتحاريون.
والى سجلات سنجار، ثمة تلميحات الى صلات للثوار بمنظمة مناهضة للنظام الليبي تسمى “الجماعة المقاتلة الاسلامية الليبية” التي سعت الى اطاحة الزعيم الليبي، قبل أن يشن حملة للقضاء عليها في التسعينيات من القرن الفائت. وليس معروفا تماماً تاريخ انشاء هذه المجموعة، الا ان احد الاعضاء السابقين في مجلس قيادتها نعمان بن عثمان المقيم حالياً في لندن يقول إن جذورها تعود الى الثمانينيات. وهو يروي أنه خلال استعداداتها لشن هجمات على ليبيا، سافر عدد من اعضاء تلك الجماعة الفتية في حينه الى افغانستان للانضمام الى المجاهدين الذين كانت تدعمهم واشنطن في نضالهم ضد السوفيات واجراء تدريبات عسكرية قبل العودة الى ليبيا.
وفي مطلع التسعينيات، وضع أعضاء في الجماعة، بينهم بن عثمان وسعد فرجاني، مخططات مكثفة لتوسيع منظمتهم وتحضيرها للكفاح المسلح، وكان يفترض ان تنفذ تلك الخطط على مراحل الى ان تصير المنظمة قادرة على مواجهة النظام مباشرة. لكن في العام 1995 حصل أن كُشفت نشاطاتها على نحو سابق لاوانه عندما اقتحم اعضاء منها بقيادة فرجاني متنكرين بأزياء اجهزة امن الدولة مستشفى في بنغازي، وحاولوا انقاذ زميل لهم هو خالد بخشيش الذي اعتقل وكان في وضع حرج بعدما تعرض للضرب على يد الشرطة التي ضبطت سلاحا في حوزته. وردا على تلك العملية، بدأت القوى الامنية الليبية حملة اعتقالات في المنطقة، واكتشفت سلسلة خلايا للمجموعة في مدن عدة حول البلاد، بينها بنغازي وطرابلس وسبها ودرنة والزاوية. عندها، أعلن مجلس قيادة الجماعة الذي كان معظم اعضائه في السودان في حينه، نفسه منظمة، وكشف علنا في تشرين الاول (اكتوبر) 1995 نياته لزرع الفوضى في ليبيا. وطوال السنوات التالية، شنت قوى الامن الليبية حملة قمع واسعة على اعضاء المجموعة واعتقلت كثيرين منهم.
ومع عودة التقارب بين طرابلس والغرب، أعلنت واشنطن “الجماعة المقاتلة الاسلامية اللييبية” منظمة إرهابية. وفي العام 2005 اقترح نجل الزعيم الليبي سيف الاسلام القذافي حوارا بين النظام والاعضاء المعتقلين للجماعة والذين كانوا بالمئات، وتقرب من بن عثمان الذي كان خارج البلاد عند انكشاف خطط جماعته وبقي منذ ذلك التاريخ في لندن، فأقنعه بالعمل وسيطاً بين الحكومة والسجناء منذ كانون الثاني 2007. وبعد سنتين تقريباً من بدء هذا الحوار، صدرت في أيلول 2009 وثيقة من 400 صفحة عنوانها “الدراسات التصحيحية في فهم الجهاد والمحاسبة وحكم الشعب”، كتبها السجناء البارزون من “الجماعة المقاتلة الاسلامية الليبية” عبد الحكيم بلحاج وأبو المنذر السعيدي وعبد الوهاب القائد وخالد الشريف ومفتاح الداودي ومصطفى قنيفد. تحلل تلك الوثيقة المفاهيم المختلفة المتعلقة بالجهاد والقانون الاسلامي، في مسعى لادانة اللجوء الى الكفاح المسلح لاطاحة أنظمة الدول الاسلامية. في حينه، تحدث الاعلام العربي عن ارتداد “الجماعة الليبية”، بينما شكك آخرون في صدقية موقفها، مجادلين بأنها أرغمت عليه أو اضطرت اليه لضمان اطلاق سجنائها.
والتشكيك الأميركي  في هوية المتمردين الليبيين هو الذي دفع  واشنطن الى ارسال عناصر من الاستخبارات المركزية الى ليبيا أخيراً للتدقيق في انتماءات ما يسمى “المجلس الوطني الانتقالي”، قبل أن تعلن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، في مؤتمر صحفي عقدته في لندن: ليس لدينا معلومات حول افراد محددين في هذا المجلس  وما زلنا في أول الطريق في التعامل معه... لكننا نعرف أن ارهابيين ليبيين تسللوا من بنغازي الى العراق وأفغانستان.
وقد تزامنت تصريحات هيلاري مع محادثات أجراها رئيس الوزراء الجزائري أحمد أو يحيى في ليبيا وتصريحاته التي ركزت على أن الجزائر تشعر بالخطر من دور  “القاعدة” في الشرق الليبي، في الوقت الذي قال وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية إن السلطات الجزائرية اعتقلت ناشطاً من “القاعدة” في الصحراء الكبرى  بعدما عبر الحدود من ليبيا. وتقول مصادر اعلامية جزائرية إن هناك خطراً من تحول ليبيا الى صومال آخر اذا ما ضعف نظام العقيد القذافي، اذا استغلت “القاعدة” حالة الفوضى وتسللت الى صفوف المتمردين، وتنقل عن مسؤول  أمني جزائري قوله ان على الدول الغربية أن تدرك انه اذا سقط نظام القذافي فإن القاعدة ربما تنتهز الفوضى الناتجة عن ذلك كي توسع نفوذها الى ساحل البحر المتوسط على بعد بضعة كيلومترات فقط عن أوروبا. “اذا رحل نظام القذافي فان ليبيا بأسرها - التي لديها حدود مائية وأمن وجمارك كانت تسيطر على هذه الحدود - ستختفي على الاقل لفترة كافية كي يعيد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي الانتشار ليصل الى شاطئ ليبيا على البحر المتوسط”.
وفي حالة ليبيا فإن على قوات الائتلاف أن تأخذ خيارا عاجلا. اما أن تسمح بأن تتوطن الفوضى، مما يستلزم تدخلا بريا بهدف وضع حد للتقدم المحتمل لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي في اتجاه ساحل البحر المتوسط، واما تحافظ على النظام الليبي كي تستعيد الوضع الامني الذي كان قائما.
ويتصاعد  القلق في الأوساط  الرسمية الجزائرية من انشغال السلطات الليبية بمواجهة التمرد الداخلي، لأن هذا الانشغال  يتسبب في تدهور الوضع الامني على الحدود مع ليبيا التي اصبحت شبه مكشوفة اماما لجماعات الاسلامية المتطرفة. وفي تصريح له يوم الاربعاء من الاسبوع الفائت قال وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية: ان الوضع الامني على الحدود مع ليبيا مقلق جدا بسبب الانسحاب التام لحرس الحدود وعناصر الجيش الليبي من على طول الحدود مع الجزائر الممتدة من منطقة غات الى حدود النيجر، ما يجعل البلاد مفتوحة أمام اعداء  الجزائر والارهابيين الذين حاولوا ويحاولون التسلل الى الجزائر.
ومما قاله ولد قابلية: “نحن لا نتدخل في الشؤون الليبية، موقفنا ثابت في هذه القضية، لكن عندما تكون مصالحنا مهددة يجب أن نتجند للدفاع عنها’’.
من ناحية أخرى، صرّح ولد قابلية لإذاعة الجزائر الحكومية أن “أمن منطقة الجنوب خصوصا المنطقة الشرقية (الحدود مع ليبيا) مرهون بمدى يقظة سكان المنطقة وأعيانها وتعاونهم مع المصالح الأمنية المخولة بمهمة حماية الحدود الجنوبية للجزائر”. وأكد خبر غلق الجيش الجزائري لمناطق بعينها في الصحراء بسبب “التهديد الإرهابي” قائلاً: ان قرار غلق بعض المسالك بحظيرة الطاسيلي (الصحراء) لا رجعة فيه في الوقت الراهن” بسبب انسحاب الجيش الليبي من الحدود الشرقية، مشددا على ضرورة “اليقظة أكثر من أي وقت مضى”.
وكانت تقارير إخبارية محلية تحدثت قبل أيام عن أن الجيش الجزائري حشد أكثر من 7 آلاف جندي على الحدود مع ليبيا للتعامل مع الأخطار الأمنية القادمة من هناك. ويندرج هذا التحرك ضمن خطة أمنية لتشديد الرقابة تشمل المراقبة الجوية للصحراء الواقعة في أقصى الجنوب الغربي لليبيا بهدف منع تهريب أسلحة مهربة من ثكنات ومعسكرات الجيش الليبي إلى الجزائر والحيلولة دون تسلل عناصر “إرهابية”.
التقارير نفسها قالت إن الجيش الليبي كان يسيطر على ممرات حيوية ومهمة جدا في منطقة ‘عرق مرزوق’ و’وادي برجوج’’ على الحدود مع الجزائر ويفرض عليهما مراقبة مشددة على مدار الساعة قبل اندلاع المواجهات العسكرية بين نظام القذافي والمتمردين، ما أدى إلى انسحابه بنسبة 90 بالمئة، ما جعل المنطقة مفتوحة تماما أمام المتسللين.
وتتزامن تصريحات ولد قابلية مع تحذير وجهه وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي قبل أيام إلى المجتمع الدولي من أن المواجهة العسكرية في ليبيا والتدخل الأجنبي في الصراع يعتبر فرصة أخرى تمنح للجماعات ‘الإرهابية’. ومما قاله: “ان الجزائر حذرت المجتمع الدولي من أنه إذا استمرت هذه الحالة فإنكم ستضطرون إلى إدارة مشكلة تفاقم ليس الإرهاب وإنما القدرات الممنوحة للإرهابيين الذين سيزداد ضررهم أكثر’ معتبرا أن ‘المنطقة ستمر بزلزال مع انتشار الأسلحة، ويعني هذا أن الأمر لن يخص ليبيا فقط وإنما كل دول الجوار وبالخصوص الجزائر. حتى لو اننا نشعر بأننا هزمنا الإرهاب لكن نبقى حذرين والذي يحدث في ليبيا يمكن اعتباره بأنه فرصة أخرى تمنح للإرهابيين”.
واعتبر مدلسي أن ‘الوضع في ليبيا تفاقم بسبب التدخل الأجنبي الذي سيعطي مبررا لتطور العمل الإرهابي على المستوى الإديولوجي في إشارة إلى منحه الشرعية.
وكانت الجزائر حذرت العام الماضي من أن أي تدخل غربي في المنطقة سيمنح الشرعية للجماعات الجهادية. وجاء هذا التحذير على لسان رئيس الوزراء أحمد أويحيى في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي الذي قال أمام نواب البرلمان الجزائري إذا حدث وكان هناك تواجد غربي في المنطقة فإن الإرهابيين سيصبحون مجاهدين وساعتها نكون قد أسهمنا من دون أن نشعر في تحويل المنطقة إلى جحيم.
ومعروف أن الجزائر من بين البلدان الأولى التي دانت هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001 على الأراضي الأميركية. ولم يكن هذا مجرد تعبير دبلوماسي عن مشاعر التعاطف، بل تذكيراً قوياً بدعواتها لمكافحة الإرهاب بوصفه خطراً عابراً للقوميات ويهدد الدول والمجتمعات كافة، إذ لطالما دعت الجزائر إلى ضرورة وضع أسلوب عمل دولي من شأنه حماية البشرية من خطر لا يعترف بأي حدود سياسية، ولا يحترم أي قيم دينية أو ثقافية. موقف الجزائر هذا نابع أيضاً من معاناتها لأكثر من عقد من نقمة الإرهاب الذي تسبب في مقتل أكثر من  200.000 شخص، وأحدث أضراراً جانبية تجاوزت قيمتها 30 مليار دولار أميركي. وفي الواقع، جعلت الجماعات الإرهابية هدفها الأول المدنيين الجزائريين، وأفراد الأمن، والأكاديميين، والفنانين، والصحافيين، والسياسيين والأئمة والمبشرين المسيحيين والأجانب... وحتى الأطفال الرضّع. كان ذلك نشاطاً إرهابياً حقيقياً استهدف كلاً من الدولة والمجتمع.  وبسبب مثل هذه الأعمال الوحشية، سعت السلطات الجزائرية بدأب منذ مطلع التسعينيات من القرن الفائت إلى بلورة تفاهم دولي لمكافحة هذه الظاهرة، وذلك كجزء من استراتيجية متعددة الأبعاد لمكافحة الإرهاب.
مشروع أفغنة
وباختصار يمكن القول ان الاسابيع  الاولى من التمرد في الشرق الليبي اظهرت وبوضوح حجم الاخطار التي ينطوي عليها هذا التمرد على استقرار ليبيا كما على استقرار المنطقة، وحجم التداعيات التي يرتبها التدخل الغربي في الشؤون الليبية، والذي يفتح الباب واسعا امام افغنة المنطقة بكاملها. والارهاب الاحترافي العائد من افغانستان والعراق مرشح لأن يعزز صفوفه وامكاناته وبالتالي ضرباته على امتداد المغرب العربي، وصولا الى شواطئ المتوسط القريبة، علماً ان جماعات شمال افريقيا الارهابية لها انتحاريون في العراق ينسقون مع انتحاريي الجزائر التي تشهد في الفترة الاخيرة  سلسلة هجمات جديدة تستهدف عمالا اجانب وأفراد الشرطة والجيش.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق